الصحافة

المسيحيون وحدهم... يخجلون من رسم إشارة الصليب ومن إسم المسيح في كل مكان...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

شرقاً وغرباً. جماعات وأطراف كثيرة تُنادي بعناوين إلغاء الطائفية، والدولة المدنية، وبالعلمَنَة، وفصل الدين عن الدولة... فيما النتيجة هي أن حكام وشعوب كل دول العالم تزداد في دمج التزامها الديني بأعمالها وعلاقاتها الخارجية وبالمصالح التي تجمعها بكل الأطراف الأخرى، إلا فئة واحدة فقط، وهي الشعوب والدول المسيحية، أو ذات الجذور المسيحية.

 

خوفاً وخجلاً

فالمسيحي المواطن والحاكم والفنان... يخجل من رسم إشارة الصليب على وجهه، ومن ذكر أي شيء عن إيمانه (حتى ولو كان ملتزماً) في كل الاجتماعات والأماكن العامة، وذلك خوفاً على مستقبل مصالحه، أو من تراجع نسبة شعبيّته، أو خوفاً على لقمة عيشه، أو من الظهور بمظهر الرجعية والتخلُّف.

وأما حكام كل باقي دول العالم، فالوضع مختلف بالنّسبة إليهم وليس بالنّسبة الى شعوبهم فقط. الأمثلة كثيرة هنا، منها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لا يزال يحوّل أديرة وكنائس الى مساجد (حتى خلال زيارة رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس الأخيرة لتركيا)، ورغم انضواء أنقرة بحلف "الناتو"، ووضع عينها على الانضمام الى الإتحاد الأوروبي.

 

الهند والصين...

وأما رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي، فيعزّز شعبيّة حزبه وحكمه بتحويل أنقاض مساجد إسلامية في الهند الى معابد هندوسية، خصوصاً أن بعضها كان هندوسيّاً في الأساس، قبل أن يحوّلها المسلمون الى مساجد في الماضي. كما يعزّز (مودي) شعبيّته الداخلية بالعمل التدريجي على تحويل بلاده من ديموقراطية علمانية إلى أمّة هندوسية.

ويضيق بنا الوقت إذا تحدثنا عمّا تفعله الصين بأقلية الإيغور المُسلِمَة في أراضيها، الذين تقمعهم بكين بسبب معارضة بعضهم الحكم الصيني، ومناداتهم بإقامة دولة مستقلّة بإسم شرق تركستان، والذين نُسِبَ إليهم تنفيذ هجمات عدّة ضد الدولة الصينية في الماضي.

 

يجتمعون

وبموازاة بعض الأمثلة التي أوردناها سابقاً، يجتمع زعماء تركيا وأوروبا وأميركا وروسيا والهند والصين والدول الإسلامية كافة...، مع بعضهم البعض، ويتحدثون عن احترامهم لسيادة دولهم الداخلية، وعن عدم التدخّل في شؤون بلدانهم، ويوقّعون أكبر الاتفاقيات مع بعضهم البعض مهما كانوا يتصرّفون تجاه أتباع ديانات بعضهم البعض في الداخل، ومن دون خوف. وحتى إن بعض حكام العالم ينطقون ويتكلّمون بعبارات دينية عند بَدْء حديثهم في أكبر المحافل الدولية الرسمية العلمانية (كما هو مُفتَرَض) والتي تناقش قضايا اقتصادية ومالية وأمنية... عالمية، ويحضرها أكبر رؤساء العالم.

 

بين النّبيذ والعصير

وأما عندما يصل الأمر الى الدول ذات الجذور المسيحية، فيُصبح مناداة التيارات اليمينية بضرورة الاعتراف بالجذور المسيحية لأوروبا، وبرفض نمو أكثرية مُسلِمَة أو غير مُسلِمَة في الدول الأوروبية، (يُصبح هذا الأمر) تعصُّباً، وتخلُّفاً، وعنصرية، وكراهية، ورجعيّة، وعودة الى عصور الظلام، والى العصر الحجري...

ففي هذا الإطار، نذكر أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مثلاً، اتّهمت الأحزاب اليمينية المتطرفة بمحاولة تدمير أوروبا، ووصفت أتباعها بالشعبويين والمتطرفين والديماغوجيين. وقالت إنهم يريدون إضعاف أوروبا، وتدميرها، وتخريبها.

فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته، أن صعود من سمّاهم بالقوميين والديماغوجيين يشكل خطراً على أمّتنا وعلى أوروبا، وعلى مكانة فرنسا في أوروبا والعالم.

وحتى إن دولاً أوروبية وذات جذور مسيحية تستبدل النّبيذ على موائدها خلال أكبر الاحتفالات الوطنية والزيارات الرسمية بعصير الفواكه مثلاً، من أجل زعماء دول إسلامية، فيما العكس ليس مُطبَّقاً في الدول الإسلامية، احتراماً لوحدة المعايير البروتوكولية والرسمية العامة على الأقلّ.

 

في فرنسا...

شدّد مصدر واسع الاطلاع على أن "العلمَنَة ليست مُحارِبَة للدّين في الأساس، ولكنّها قد تُستعمَل كوسيلة لذلك. وعندما تُستخدم بهذه الطريقة، تتحوّل الى خطر".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "النموذج الفرنسي من العلمَنَة هو ضدّ الدّين نعم، وليس أي دين، بل المسيحي تحديداً، لا الإسلامي أو باقي الديانات. فعندما بدأت فرنسا تستقبل وتجنّس الشعوب الإسلامية لم تطلب منهم أي شروط فعليّة بإسم العلمَنَة وحرصها المُعلَن عليها، بينما يمكن للاهتمام باحتفال مسيحي صغير في ساحة قرية فرنسية نائية أن يفجّر سجالاً حول الالتزام بالعلمَنَة في الأراضي الفرنسية".

 

مُحاربة الكنيسة

وشرح المصدر أن "قانون 1905 الفرنسي ليس قانون علمَنَة في الأساس، أي أن اسمه الأصلي ليس Le droit sur la laïcité ، بل La séparation entre l’état et les Eglises، أي ليس entre l’état et la religion. وبالتالي، هو ليس فصلاً بين الدولة والدّين بل بين الدولة والكنائس تحديداً. وبالتالي، التوصيف الدقيق لهذا القانون هو أنه فصل الدولة الفرنسية عن الكنيسة، أي عن الدّين المسيحي تحديداً، وليس عن الأديان عموماً".

وختم:"هذا العداء الفرنسي الرسمي للكنيسة ليس هو نفسه تجاه باقي الأديان وأتباعها. وبالتالي، ما هو مُطبَّق في فرنسا ليس علمَنَة صحيحة، بل اتّخاذ شعار العلمَنَة كستار لمحاربة الكنيسة، لا أكثر".

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا